فصل: الشاهد التاسع والثمانون بعد الثمانمائة(br)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب ***


الشاهد التاسع والثمانون بعد الثمانمائة

وهو من شواهد سيبويه‏:‏ البسيط‏؟‏‏؟‏يا دار ميّة بالعلياء فالسّند هذا صدر، وعجزه‏:‏

أقوت وطال عليها سالف الأمد

على أن الفاء فيه لإفادة الترتيب في الذكر، فتكون عاطفة على معناها، ولم يمكن جعلها بمعنى إلى كما تقدم في أول التخريجين فبي بيت امرئ القيس، لعدم ظهور الغاية‏.‏

وقصد بهذا الرّدّ على الجرميّ في زعمه أنّ الفاء في الأماكن لمطلق الجمع كالواو، فلا تدلّ على ترتيب، لأنّ الحرف وغيره، إذا أمكن بقاؤه على ما وضع له فلا يعدل إلى خلافه‏.‏

والعلياء، والسّند كلّ منهما ليس اسم مكان بعينه، قال صاحب الصحاح‏:‏ العلياء‏:‏ كلّ مكان مشرف، وهو بفتح العين والمدّ‏.‏

وقال صاحب العباب‏:‏ السّند، بالتحريك‏:‏ ما قابلك من الجبل، وعلا عن السفح، وأنشد هذا البيت‏.‏

ولهذا لم يذكر البكري العلياء في معجمه، لكن أورد السند، فقال‏:‏ هو بفتح أوله وثانيه‏:‏ ماء بتهامة معروف، وهو الذي عنى النابغة بقوله‏.‏

يا دار ميّة بالعلياء فالسّند

وقد حدّده الأحوص في قوله‏:‏ مجزوء الوافر

غشيت الدّار بالسّند *** دوين الشّعب من أحد

وقال أبو بكر‏:‏ سند‏:‏ ماء معروف لبني سعد، انتهى، وهذا غير ذاك‏.‏

قال أبو علي في المسائل البصرية‏:‏ مسألة‏:‏

يا دار ميّة بالعلياء فالسّند

و‏:‏

يا دار ميّة بالعلياء غيّرها

الجارّ متعلق بأقوت وبغيّرها، لأن دار ميّة معرفة فلا يكون الفعل صفة‏.‏ فأما قوله‏:‏ الطويل

أداراً بحزوى هجت للعين عبرةً

فلا يكون بحزوى إلاّ متعلقاً بمحذوف، ألا ترى أنّ داراً نكرة، ويجوز في الأولين أن يكون الجار متعلقاً بمحذوف فيكون في موضع حال، كقوله‏:‏ البسيط

يا بؤس للجهل ضرّاراً لأقوام

ولا يجوز عندي في قوله‏:‏ الوافر

ألا يا بيت بالعلياء بيت

أن يكون متعلقاً بمحذوف على أن يكون حالاً، ولكن متعلق بمحذوف، على نحو‏:‏ في الدار رجل، لأنه خبر بيت الثاني، ويكون أقوت وغيّرها منقطعين مما قبلهما، كأنه لما نادى أقبل على غيرها فخاطبه‏.‏

والدليل على كون الظرف حالاً في بيت ذي الرمة، وأنه يجوز أن لا يكون متعلقاً بالفعل الذي هو غيّرها قوله في أخرى‏:‏ البسيط

يا دار ميّة بالخلصاء فالجرد *** سقياً وإن هجت أدنى الشّوق والكمد

فكما أنّ هذا لا يكون إلاّ حالاً كذلك قوله‏:‏ بالعلياء غيّرها يجوز أن يكون حالاً‏.‏

فإن قلت‏:‏ لم لا تجعل بالعلياء في قولك‏:‏

ألا يا بيت بالعلياء بيت

حالاً، وتجعل بيت الثاني بدلاً من الأول، ليخلص الظرف حالاً‏؟‏ قلت‏:‏ ذلك لا يجوز‏.‏ ألا ترى أنه لا يستقيم أن تقول مبتدئاً‏:‏ يا زيد ولولا عمراً أكرمت، كما قال‏:‏

ولولا حبّ أهلك ما أتيت

وإن شئت أجزته كما قال‏:‏ إلخ فيف

يا ابن أمّي ولو شهدتك إذ تد *** عو تميماً وأنت غير مجاب

ومنعه ابن جني في المحتسب، فقال‏:‏ وسألني قديماً بعض من كان يأخذ عني، فقال‏:‏ لم لا يكون بيت الثاني تكريراً على الأول، كقولك‏:‏ يا زيد زيد، ويكون بالعلياء في موضع الحال من البيت، كما كان قول النابغة‏:‏

يا دار ميّة بالعلياء فالسّند

قوله‏:‏ بالعلياء، في موضع الحال، أي‏:‏ يا جار ميّة عالية مرتفعة، فيكون كقوله‏:‏

يا بؤس للجهل ضرّاراً لأقوام

هذا معنى ما أورده بعد أن سدّدت السؤال ومكّنته، فقلت‏:‏ لايجوز ذلك هنا، وذلك أنه لو كان البيت الثاني تكريراً على الأول لقال‏:‏

لولا حبّ أهلك ما أتيت

فيكون كقولك‏:‏ يا زيد لولا مكانك، ما فعلت كذا، وأنت لا تقول‏:‏ يا زيد ولولا مكانك لم أفعل كذا، فإذا بطل هذا، ثبت ما قاله صاحب الكتاب من كونه كلاماً بعد كلام، وجملة تتلو جملة، وهذا واضح‏.‏

انتهى كلامه، وكأنه لم يستحضر آخر كلام أبي علي‏.‏

وقد غفل العيني عن حكم وقوع الظرف بعد المعرفة بجعله حالاً منها، فقال‏:‏ بالعلياء محلّها النصب على أنها صفة لدار ميّة، والتقدير الكائنة بالعلياء، وهذا تحريره، والبعرة تدلّ على البعير‏.‏

وميّة‏:‏ اسم امراة، وأقوت‏:‏ خلت من السّكّان وأقفرت، وفيه التفات من إلخ طاب إلى الغيبة حيث لم يقل‏:‏ أقويت، والسالف‏:‏ الماضي‏.‏ والأبد‏:‏ الدهر‏.‏

وهذا البيت مطلع قصيدة للنابغة الذبياني تقدم ذكر سببها مع شرح أبيات من أولها، في الشاهد السابع والأربعين بعد المائتين‏.‏

وبعده‏:‏ البسيط

وقفت فيها أصيلالاً أسائله *** أعيت جواباً وما بالدّار من أحد

إلاّ الأواريّ لأياً ما أبيّنه *** والنّؤى كالحوض بالمظلومة الجلد

وهذه الأبيات الثلاثة أنشدها سيبويه في باب الاستثناء، والشاهد في البيت الثالث، وهو رفع الأواريّ في لغة تميم، ونصبه في لغة الحجاز‏.‏

قال الأعلم‏:‏ الشاهد في قوله‏:‏ إلاّ الأواريّ، بالنصب على الاستثناء المنقطع، لأنها من غير جنس الأحد، والرفع جائز على البدل من الموضع، والتقدير‏:‏ وما بالربع أحد إلاّ الأواريّ، على أن تجعل من جنس الأحد اتّساعاً ومجازاً، انتهى‏.‏

وقد تقدّم شرح البيت مفصّلاً في الشاهد الثاني والسبعين بعد المائتين‏.‏

وأنشده بعده‏:‏ الكامل

وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي

على أنّ إحدى الفاءين زائدة‏.‏ ولم يعيّن الزائد‏.‏

قال أبو علي في التذكرة القصرية‏:‏ الفاء الأولى زائدة، والثانية فاء الجزاء‏.‏ ثم قال‏:‏ اجعل الزائد أيّهما شئت‏.‏

وعيّن القاضي في تفسيره الأولى، فإنه أورد البيت نظيراً لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فبذلك فليفرحوا‏}‏، قال‏:‏ الفاء في فبذلك زائدة، مثلها الفاء الداخلة على عند في البيت‏.‏ وتقديم عند للتخفيف كتقديم ذلك‏.‏

وسيبويه لا يثبت زيادة الفاء، وحكم بزيادتها هنا للضرورة‏.‏ ومن تبعه وجّه ما أوهم الزيادة، فوجّهها صاحب اللباب بأنها إنما كرّرت هنا لبعد العهد بالفاء الأولى، كما كرّر العامل في قوله‏:‏ الطويل

لقد علم الحيّ اليمانون أنّني *** إذا قلت أمّا بعد أنّي خطيبها

أعيد أنّي لبعد العهد بأنني، انتهى‏.‏

وهذا لا يطّرد له في الآية‏.‏

وهذا المصراع عجز، وصدره‏:‏

لا تجزعي إن منفسٌ أهلكته

والبيت آخر قصيدة للنمر بن تولب الصحابي، وتقدم الكلام عليه مع شرح القصيدة وترجمته، في الشاهد السادس والأربعين من أوائل الكتاب‏.‏

وأنشد بعده‏:‏

الشاهد التسعون بعد الثمانمائة

الخفيف

إنّ من ساد ثمّ ساد أبوه *** ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه

على أنّ ثمّ فيه لمجرد الترتيب في الذكر، إلى آخره‏.‏

وهذا أحد أجوبة ثلاثة عن إشكال، وهو أنّ ثمّ هنا قد عطفت المتقدّم على المتأخّر وهو عكس وضعها، فأجاب الفراء وهو ما ذكره الشارح، بأنّ ثمّ فيه للترتيب الذكريّ، ويقال له‏:‏ الترتيب إلخ باري، وترتيب اللفظ أيضاً‏.‏

وذلك أنّ الفاء وثمّ يكونان لترتيب الأفعال والأقوال، وثمّ هنا لترتيب القول بحسب الذكر والإخبار والتلفّظ، قال الفراء، ومنه‏:‏ بلغني ما صنعت اليوم، ثم ما صنعت أمس أعجب‏.‏

وإليه ذهب ابن مالك في التسهيل، فقال‏:‏ وقد تقع ثم في عطف المتقدّم بالزمان، اكتفاء بترتيب اللفظ‏.‏ انتهى‏.‏

وفي هذا الجواب اعتراف بأنّ ثمّ هنا للترتيب بدون تراخٍ ومهلة، كما صرح به الشارح، وهو خلاف وضعها‏.‏

وأجاب ابن عصفور وهو الجواب الثاني بأنّ ثمّ هنا على بابها، بتقدير أنّ الممدوح ساد أوّلاً، ثم ساد أبوه بسيادته ثم جدّه‏.‏

قال في شرح الجمل‏:‏ وما ذكره الفراء من أنّ المقصود بثمّ ترتيب إلخ بار، لا ترتيب الشيء في نفسه، فكأنه قال‏:‏ اسمع منّي هذا الذي هو‏:‏ بلغني ما صنعت اليوم، ثم اسمع منّي هذ إلخ بر إلخ ر الذي هو‏:‏ ما صنعت أمس أعجب ليس بشيء، لأن ثمّ تقتضي تأخير الثاني عن الأول بمهلة، ولا مهلة بين إلخ بارين‏.‏

وأما قول الشاعر‏:‏ إنّ من ساد البيت، فينبغي أن يحمل على ظاهره، ويكون الجدّ قد أتاه السّودد من قبل الأب، وأتى الأب من قبل الابن‏.‏

وذلك مما يمدح به، وإن كان الأكثر في كلامهم توارث السّودد، ويكون البيت إذ ذاك، مثل قول ابن الرومي‏:‏ البسيط

قالوا‏:‏ أبو الصّقر من شيبان قلت لهم *** كلاّ لعمري ولكن منه شيبان

فكم أبٍٍ قد علا بابنٍ ذرا حسبٍ *** كما علت برسول الله عدنان

انتهى‏.‏

قال المرادي في الجنى الداني‏:‏ ما ذكره ابن عصفور في تأويل البيت لا يساعد عليه قوله‏:‏ قبل ذلك‏.‏ انتهى‏.‏

قال الدماميني في الحاشية الهندية‏:‏ وذلك لأنّ مضمون الكلام على ما أجاب به ابن عصفور أنّ سودد الابن سابق لسودد الأب، وسدود الأب سابق لسودد الجدّ، والسابق للسابق لشيء سابق لذلك الشيء، فتكون سيادة الابن سابقة لكل من سيادة أبيه، وسيادة جدّه، وسيادة الأب سابقة لسيادة الجدّ، وقول الشاعر‏:‏ قبل ذلك منافٍ لها بلا شك، انتهى‏.‏

وأجاب بعضهم عن ابن عصفور بتحمّل، وردّ عليه، ويردّ عليه أيضاً بأنّ ثمّ على التراخي، فما معنى التراخي والمهملة هنا‏؟‏ وأجاب إلخ فش وهو الجواب الثالث بأنّ ثمّ هنا بمعنى الواو، لمطلق الجمع‏.‏ وردّ عليه بعضهم بأنه لو صحّ جريانها مجرى الواو لجاز وقوعها حيث ما يصلح إلاّ معنى الواو، فكان يقال‏:‏ اختصم زيد ثم عمرو، كنا يقال‏:‏ اختصم زيد وعمرو، ولكنّ ذلك غير مقول باتفاق‏.‏

قال الشاطبي في شرح الألفية‏:‏ قال الماوردي‏:‏ الدليل على أن ثم لا تكون بمعنى الواو إجماع الفقهاء على أنه لا يجوز أن يقال‏:‏ هذا بيمن الله ويمنك، بالواو، ولكن أجازوا أن يقال‏:‏ هذا بيمن الله ثم يمنك‏.‏ قال‏:‏ ولو كانت بمعنى الواو ما فرّوا إليها‏.‏

قال‏:‏ وفي الحديث أنّ بعض اليهود قال لأصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم‏:‏ تزعمون أنكم لا تشركون بالله وأنتم تقولون‏:‏ ما شاء الله وشئت‏!‏ فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ لا تقولوها وقولوا‏:‏ ما شاء الله ثم شئت ‏.‏ حدّث به قاسم بن أصبغ‏.‏ انتهى‏.‏

وأقول‏:‏ هذا لا يرد على إلخ فش، فإنه لم يدّع أنّ ثم بمعنى الواو دائماً، وإنما يريد قد تكون بمعناها في بعض المواد، وذلك على سبيل المجاز، ولا يخفى أن البيت إذا حمل على قوله لم يرد عليه شيء‏.‏

قال الدماميني‏:‏ لا خفاء في كون القائل بأن ثم تستعمل بدون ترتيب كالواو، يقول‏:‏ بأن ذلك استعمال مجازيّ، ولا يشترط في آحاد المجاز أن تنقل بأعيانها عن أهل اللغة، بل يكتفى بالعلاقة على المذهب المختار‏.‏

والعلاقة المصححة هنا الاتصال الذي بين هذين الحرفين، من جهة أن الواو لمطلق الجمع، وثم لجمع مقيّد، والمطلق داخل في المقيّد، فثبت أنّ بينهما اتصالاً معنوياً، فجاز استعمال ثم بمعنى الواو مجازاً لذلك‏.‏

وحينئذ فالسعي في تأويل تلك الأمثلة مما يصحح الترتيب فيها، نظر في أمر جزئيّ لا يقتضي بطلان المدّعى من أصله، انتهى‏.‏

وهذا البيت من شعرٍ مولّد لا يوثق به، وأوله مغيّر اشتهر به، وهو أول أبيات سبعة لأبي نواس الحسن بن هانيء، مدح بها العباس بن عبيد الله بن أبي جعفر، وهي‏:‏ إلخ فيف

قل لمن ساد ثم ساد أبوه *** قبله ثم قبل ذلك جدّه

وأبو جدّه فساد إلى أن *** يتلاقى نزاره ومعدّه

ثم آباؤه إلى المبتدأ من *** ه أبٌ لا أبٌ وأمٌّ تعدّه

يا ابن بحبوحة البطاح عبيد الل *** ه غوثاً من مستغيثٍ تودّه

فاهتبل عندي الصّنيعة واذخر *** ني لقولٍ أجيده وأجدّه

واستزدني إلى مكارمك الغ *** رّ وفضلٍ إليك خيّم مجده

عبدريًّ إذا انتمى أبطحيًّ *** تالدٍ نسجه عتيقٍ فرنده

والعباس هذا‏:‏ عمّ هارون الرشيد‏.‏

ولم يعرفه ابن الملا في شرح المغني، فقال‏:‏ لعله العباس بن المأمون بن الرشيد، وأبو نواس مات قبل أن يصير ابن المأمون في عداد من يمدح‏.‏

والمأمون اسمه عبد الله، وأبو الممدوح اسمه عبيد الله بالتصغير، كما في الشعر‏.‏

وقوله‏:‏ وأبو جده معطوف على جده، وقوله‏:‏ فساد، يريد فساد من بقي من جدوده واحداً بعد واحد، إلى أن يلاقيه جده نزار بن معد بن عدنان، وهو عمود النسب المحمدي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وزعم ابن الملا أن قوله‏:‏ وأبو جده فساد مبتدأ وخبر، والفاء زائدة‏.‏

وقوله‏:‏ ثم آباؤه، أي‏:‏ بعد معد، وقوله‏:‏ إلى المبتدأ منه أب هو آدم عليه السلام، خلقه الله تعالى من ترابٍ لا من أبٍ وأم‏.‏

وقوله‏:‏ ولا أب وأم تعده، أي‏:‏ لا له أب تعده، ولا له أمٌ تعدّها‏.‏

وعبيد الله بالجر‏:‏ بدل من بحبوحة، وقوله‏:‏ غوثاً منصوب بتقدير أطلب، وهو اسم الإغاثة، بمعنى الإغاثة بالنصر، وقوله‏:‏ من مستغيث، أي‏:‏ من أجل مستغيث، وتودّه‏:‏ تحبّه‏.‏

وقوله‏:‏ فاهتبل الاهتبال‏:‏ الاغتنام، والصنيعة‏:‏ الفعل الجميل‏.‏ واذخرني‏:‏ أمر من ذخرته ذخراً، من باب نفع، إذا أعددته لوقت الحاجة إليه، والاسم‏:‏ الذخر بالضم، وأجيده من الإجادة‏:‏ أي‏:‏ أحسّنه، وأجده، أي أحدثه جديداً‏.‏

وقوله‏:‏ واستزدني إلى مكارمك، أي‏:‏ اجعلني زيادةً مضمومة إلى مكارمك، أي‏:‏ اجعلني بعض مكارمك، أي‏:‏ أفعالك التي تمدح بها، والغر‏:‏ جمع أغر وغرّاء، والأغر‏:‏ الواضح، المشهور‏.‏

وقوله‏:‏ وفضل، بالجر معطوف على مكارمك، وخيّم‏:‏ أقام‏.‏ والمجد‏:‏ الشرف والعز‏.‏

وقوله‏:‏ عبدري بالجر‏:‏ صفة لفضل، منسوب إلى عبد الدار، وهو أحد أولاد قصي بن كلاب‏.‏ وانتمى‏:‏ انتسب‏.‏ وأبطحي، بالجر أيضاً، يردي أنه من قريش البطاح، وهم أشرف من قريش الظواهر‏.‏

وقوله‏:‏ تالدٍ نسجه، بالجر‏:‏ صفة سببية لفضل‏.‏ ونسجه‏:‏ فاعل تالد، والتالد‏:‏ القديم الأصلي، والهاء في نسجه ضمير فضل‏.‏ وعتيق بالجر أيضاً‏.‏ والفرند، بكسرتين‏:‏ الجوهر والحسن‏.‏

وترجمة أبي نواس تقدمت في الشاهد الثالث والخمسين من أوائل الكتاب‏.‏

وأنشد بعده‏:‏

الشاهد الحادي والتسعون بعد الثمانمائة

الطويل

فلم أجزنا ساحة الحي

هو قطعة من بيت من معلقة امرىء القيس، وهو‏:‏

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى *** بنا بطن خبتٍ ذي قفاف عقنقل

على أن الواو في قوله‏:‏ وانتحى قيل‏:‏ زائدة، وانتحى‏:‏ جواب لما، وأوله البصريون‏.‏

وهذ إلخ لاف في البيت مبني على أن ما بعده هذا‏:‏

إذا قلت هاتي نوليني تمايلت *** علي هضيم الكشح ريا المخلخل

فإن لما في البيت السابق تقتضي جواباً، ولا شيء في البيتين صالح لأن يكون جواباً، فقال الكوفيون‏:‏ انتحى هو الجواب، والواو زائدة‏.‏

وقال البصريون‏:‏ الواو عاطفة، والجواب محذوف تقديره‏:‏ فلما أجزنا وانتحى بنا بطن خبتٍ أمنا، ونلت مأمولي، ونحو ذلك، والمشهور في الرواية أن ما بعد فلما أجزن *** البيت، هو هذا‏:‏

هصرت بفودي رأسها فتمايلت *** علي هضيم الكشح ريا المخلخل

وعليها يكون هصرت جواب لما عند الفريقين، فلا زيادة ولا نقص‏.‏

واعلم أن الكوفيين وجماعة من البصريين أجازوا زيادة الواو، قال الفراء في تفسير سورة يوسف‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلما جهزهم بجهازهم‏}‏، جعل السقاية جواب، وربما أدخلت في مثلها الواو وهي جواب على حالها، كقوله في أول السورة‏:‏ فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه والمعنى والله أعلم أوحينا إليه‏.‏

وهي في قراءة عبد الله‏:‏ فلما جهزهم بجهازهم وجعل السقاية ‏.‏ ومثله في الكلام‏:‏ لما أتاني، وأثب عليه، كأنه قال وثبت عليه‏.‏ وقد جاء الشعر في ذلك، قال امرؤ القيس‏:‏

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى البيت

وقال آخر‏:‏ الكامل

حتى إذا قملت بطونكم *** ورأيتم أبناءكم شبوا

وقلبتم ظهر المجن لن *** إن اللئيم العاجز إلخ ب

أراد‏:‏ قلبتم‏.‏

وقال أيضاً في آخر تفسير سورة الأنبياء‏:‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏واقترب الوعد الحق‏}‏ معناه والله أعلم‏:‏ حتى إذا فتحت اقترب، ودخول الواو في الجواب في حتى إذا بمنزلة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى إذا جاؤوها وفتحت‏}‏‏.‏ وفي قراءة عبد الله‏:‏ فلما جهزهم بجهازهم وجعل السقاية وفي قراءتنا بغير واو‏.‏ ومثله في الصافات‏:‏ فلما أسلما وتله للجبين وناديناه معناه ناديناه‏.‏

وقال امرؤ القيس‏:‏

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى البيت

يريد‏:‏ انتحى‏.‏ انتهى كلامه‏.‏

وقد أورد أن ابن الأنباري في مسائل إلخ لاف كلام الفريقين، فلا بأس بنقله مختصراً، قال‏:‏ ذهب الكوفيون إلى أن الواو العاطفة يجوز أن تقع زائدة، وإليه ذهب أبو الحسن إلخ فش، وأبو العباس المبرد، وأبو القاسم بن برهان من البصريين‏.‏ وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز‏.‏

واحتج الكوفيون بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها‏}‏، قالوا‏:‏ فتحت جواب إذا، والواو زائدة، كما قال تعالى في صفة سوق أهل النار إليه‏:‏ حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وبقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدبٍ ينسلون واقترب الوعد الحق‏}‏ اقترب جواب إذا، والواو زائدة، وبقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت‏}‏، التقدير أذنت‏.‏

وبقول الشاعر‏:‏

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى البيت

وبقول آخر‏:‏

حتى إذا قملت بطونكم البيتين

وأجاب البصريون عن الآية الأولى بأن التقدير‏:‏ حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها فازوا ونعموا‏.‏

وعن الآية الثانية بأن التقدير‏:‏ وهم من كل حدبٍ ينسلون قالوا يا ويلنا‏.‏ وقيل الجواب‏:‏ فإذا هي شاخصة‏.‏

وعن الثالثة بأن التقدير‏:‏ وأذنت لربها وحقت يرى الإنسان الثواب والعقاب‏.‏ وكذا يقدر في قول الشاعر‏:‏ فلما أجزنا، وانتحى بنا بطن خبتٍ خلونا، ونعمنا‏.‏ وقلبتم ظهر المجن لنا بان غدركم ولؤمكم‏.‏

وإنما حذف الجواب في هذه المواضع للعلم به، توخياً للإيجاز وقد جاء حذف الجواب‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولو أن قرآناً سيرت به الجبال وقطعت به الأرض وكلم به الموتى‏}‏، التقدير‏:‏ لكان هذا القرآن‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته‏}‏‏.‏ وتقديره‏:‏ لفضحكم بما ترتكبون، ولعاجلكم بالعقوبة، وحذف الجواب أبلغ، لتذهب النفس إلى كل مذهب ممكن‏.‏ انتهى كلامه‏.‏

قال ابن السيد في شرح أدب الكاتب‏:‏ وكان بعض النحويين فيما حكى أبو إسحاق الزجاج يذهب فيما كان من هذا النوع مذهباً يخالف فيه البصريين والكوفيين، فكان يقول في الآية‏:‏ حتى إذا جاؤوها جاؤوها وفتحت أبوابها‏.‏

وكذلك بيت امرىء القيس‏:‏ فلما أجزنا ساحة الحي أجزناها وانتحى، فالجواب على رأيه محذوف، والواو واو الحال، وفي الكلام قد مضمرة، انتهى‏.‏

وذهب ابن عصفور في كتاب الضرائر إلى مذهب الكوفيين، إلا أنه خص الزيادة الواو بالشعر، وهذا تحكم منه من غير فارق، وأنشد تلك الأبيات وقول أبي خراش‏:‏ الطويل

لعمر أبي الطير المربة بالضحى *** على خالدٍ لقد وقعت على لحم

ولحم امرىءٍ لم تطعم الطير مثله *** عشية أمسى لا يبين من البكم

قال‏:‏ يريد لحم امرىء‏.‏ وهو بدل من لحم المتقدم، إلا أنه اضطر فزاد الواو بين البدل والمبدل منه‏.‏

وأنشد أيضاً‏:‏ الطويل

فإن رشيداً وابن مرروان لم يكن *** ليفعل حتى يصدر الأمر مصدرا

قال‏:‏ يريد رشيد بن مروان، فزاد الواو بين الصفة والموصوف، وأنشد أيضاً قول إلخ ر‏:‏ الكامل

كنا ولا تعصي الحليلة بعله *** فاليوم تضربه إذا ما هو عصى

قال‏:‏ زاد الواو في خبر كان‏.‏

هذا‏.‏ والبيت الشاهد قبله‏:‏

وبيضة خدرٍ لا يرام خباؤه *** تمتعت من لهوٍ بها غير معجل

تجاوزت أحراساً إليها ومعشر *** علي حراساً لو يسرون مقتلي

إذا ما الثريا في السماء تعرضت *** تعرض أثناء الوشاح المفصل

فجئت وقد نضت لنومٍ ثيابه *** لدى الستر إلا لبسه المتفضل

فقالت‏:‏ يمين الله ما لك حيلةٌ *** وما إن أرى عنك الغواية تنجلي

فقمت بها أمشي تجر وراءن *** على إثرنا أذيال مرطٍ مرحل

فلما أجزنا ساحة الحي ***‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخر البيتين

مهفهفةٌ بيضاءٌ غير مفاضةٍ *** ترائبها مصقولةٌ كالسجنجل

وقوله‏:‏ وبيضة خدر ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ، أي‏:‏ رب امرأة لزمت خدرها تشبه البيضة، في البياض والملاسة، تمتعت بها غير خائف من أحد‏.‏

وقوله‏:‏ تجاوزت أحراس ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ، يسرون بالمهملة‏:‏ يخفون، وبالمعجمة‏:‏ يظهرون، ويأتي إن شاء الله شرح هذين البيتين في حروف المصدر‏.‏

وقوله‏:‏ إذا ما الثريا في السماء ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ، إذا‏:‏ ظرف لقوله تجاوزت، أي‏:‏ تخطيت أحراساً إليها وقت تعرض الثريا في السماء، وهو آخر الليل، وذلك وقت غفلة رقبائها وحرسها‏.‏

والوشاح‏:‏ شيء ينسج من أديم ويرصع، شبه قلادة، تلبسه النساء، وجمعه وشح مثل كتاب وكتب، وتوشح بثوبة، وهو أن يدخلة تحت إبطه الأيمن، ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعل المحرم، قاله الأزهري‏.‏ واتشح بثوبه كذلك، كذا في المصباح‏.‏

وقال صاحب الصحاح‏:‏ الوشاح ينسج عريضاً من أديم ويرصع بالجواهر، وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها‏.‏

والتعرض‏:‏ الاستقبال‏.‏ وأثناء الوشاح‏:‏ أوساطه، جمع ثنى كعصا، وثنى مثل إلى، وثني بكسر أوله وسكون ثانية‏.‏

وكذلك مفرد الآلاء بمعنى النعم، ذكرهما ابن الأنباري‏.‏ والمفصل‏:‏ الذي قد فصل بالأحجار، كالزبرجد والشذر‏.‏

يقول‏:‏ تجاوزت إليها في وقت إبداء الثريا عرضها في السماء، كإبداء الوشاح الذي فصل بين جواهره، وخرزه عرضه، وأنكر قوم هذا، وقالوا‏:‏ الثريا لا تعرض لها‏.‏

وقيل‏:‏ يريد بالثريا الجوزاء، وأن هذا مثل قول زهير‏:‏ الطويل

فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم *** كأحمر عادٍ ثم ترضع فتفطم

قالوا‏:‏ يريد كأحمر ثمود، فغلط‏.‏

وقيل‏:‏ إنها إذا طلعت طلعت على استقامة، وإذا استقلت تعرضت‏.‏ وهكذا الوشاح يعترض على الكشح، وقال أبو عمرو‏:‏ تأخذ الثريا وسط السماء كما يأخذ الوشاح وسط المرأة‏.‏

شبه اجتماع كواكب الثريا، ودنو بعضها من بعض، بالوشاح المنتظم بالودع المفصل بينه‏.‏

وقال إلخ طيب التبريزي‏:‏ معناه‏:‏ أن الثريا تستقبلك بأنفها، أول ما تطلع، فإذا أرادت أن تسقط تعرضت، كما أن الوشاح إذا طرح تلقاك بناحيتيه‏.‏

قال الإمام الباقلاني في كتاب إعجاز القرآن بعد نقل هذه الوجوه‏:‏

الأشبه عندنا أن البيت غير معيب من حيث عابوه، وأنه من محاسن القصيدة، ولكن لم يأت فيه بما يفوت الشأو، ويستولي على الأمد، أنت تعلم أنه ليس للمتقدمين، ولا للمتأخرين في وصف شيء من النجوم مثل ما في وصف الثريا، وكل قد أبدع فيه وأحسن، فإما أن يكون قد عارضه وزاد عليه، فمن ذلك قول ذي الرمة‏:‏ الطويل

وردت اعتسافاً والثريا كأنه *** على قمة الرأس ابن ماءٍ محلق

ومن ذلك قول ابن المعتز‏:‏ الكامل

وترى الثريا في السماء كأنه *** بيضاتٌ أدحي يلحن بفدفد

وكقوله‏:‏ الطويل

كأن الثريا في أواخر ليله *** تفتح نورٍ ولجامٌ مفضض

وقوله‏:‏ الطويل

فناولنيها والثريا كأنه *** جنى نرجسٍ حيا الندامى به الساقي

وقول الأشهب بن رميلة‏:‏ الطويل

ولاحت لساريها الثريا كأنه *** لدى الأفق الغربي قرطٌ مسلسل

ولابن المعتز‏:‏ البسيط

وقد هوى النجم والجوزاء تتبعه *** كذات قرطٍ أرادته وقد سقطا

أخذه من ابن الرومي‏:‏ إلخ فيف

طيبٌ ريقه إذا ذقت فاه *** والثريا بجانب الغرب قرط

ولابن المعتز‏:‏ مجزوء إلخ فيف

قد سقاني المدام وال *** صبح بالليل مؤتزر

والثريا كنور غص *** نٍ على الأرض قد نثر

ولابن الطثرية‏:‏ الطويل

إذا ما الثريا في السماء كأنه *** جمانٌ وهي من سلكه فتبددا

ولو نسجت لك كل ما قالوا من البديع في وصف الثريا لطال، وإنما نريد أن نبين لك أن الإبداع في نحو هذا أمر قريب، وليس فيه شيء غريب‏.‏

وفي جملة ما نقلناه ما يزيد على تشبيهه في الحسن ويساويه‏.‏ وإذا كان هذا بيت القصيدة، ودرة القلادة، وهذا محله، فكيف بما تعداه، ثم فيه ضرب من التكلف، لأن قوله‏:‏ تعرضت من الكلام الذي يستغنى عنه، لأنه يشبه أثناء الوشاح بالثريا، سواء كان في وسط السماء، وعند الطلوع والمغيب، فالتهويل بالتعرض، والتطويل بهذه الألفاظ، لا معنى له‏.‏

وفيه أن الثريا كقطعة من الوشاح المفصل، فلا معنى لقوله تعرض أثناء الوشاح، وإنما أراد أن يقول‏:‏ تعرض قطعة من أثناء الوشاح، فلم يستقم له اللفظ حتى شبه ما هو كالشيء الواحد بالجمع، انتهى كلامه‏.‏

وقوله‏:‏ أتيت وقد نضت ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ، نضت بالضاد المعجمة، يقال‏:‏ نضا ثوبه ينضوه نضواً، إذا خلعه‏.‏

واللبسة، بالكسر‏:‏ هيئة لبس الثوب، والمتفضل‏:‏ الذي يبقى في ثوبٍ واحد لينام، وليخف في عمله، واسم الثوب المفضل بكسر الميم، وفضل أيضاً بضمتين، ويقال للرجل والمرأة فضل أيضاً‏.‏

يقول‏:‏ أتيتها، وقد خلعت ثيابها للنوم غير الثوب الذي تنام فيه، وقد وقفت لي عند الستر منتظرةً، وإنما خلعت ثيابها لترى أهلها أنها تريد النوم، كذا قال الزوزني‏.‏

وبه يرد على الباقلاني في قوله‏:‏ إنّ لدى الستر حشو لا فائدة له‏.‏

وقوله‏:‏ فقالت يمين الله إلخ ، يروى بالرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف، أي قسمي‏.‏ ويروى بالنصب، وتقديره، أحلف بيمين الله‏.‏ وجملة‏:‏ ما لك حيلة جواب القسم، أي‏:‏ ما لك حيلة في التخلص وفيما قصدت له‏.‏ فالحيلة‏:‏ الحجة والعذر‏.‏

وقيل‏:‏ لا أقدر أن أحتال في دفعك عني‏.‏ وإن بعد ما زائدة‏.‏ والغواية، بالفتح‏:‏ الضلالة‏.‏ وتنجلي‏:‏ تنكشف‏.‏

وقوله‏:‏ فقمت به ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ، أي‏:‏ معها‏.‏ وروي‏:‏ خرجت بها، أي‏:‏ أخرجتها، وجملة أمشي‏:‏ حال من التاء، وجملة تجر‏:‏ حال من ضميرها‏.‏ والإثر، بالكسر، هو الأثر بفتحتين‏.‏

ويروى‏:‏ على أثرينا ذيل مرطٍ والمرط بالكسر‏:‏ كساء من خز ومرعزي، وصوف، وقد تسمى الملاءة مرطاً‏.‏

والمرحل، بفتح الحاء المهملة المشددة، المنقش بنقوش تشبه الرحال‏.‏ وروي بالجيم‏.‏

قال الصاغاني‏:‏ وثوب مرجل، أي‏:‏ معمل، وأنشد البيت‏.‏ وقال‏:‏ ويروى‏:‏ مرحل بالحاء، أي‏:‏ موشى شبيهاً بالرحال‏.‏ انتهى‏.‏

وإنما جرت ذيلها على الإثر ليعفى، لئلا يقتفي أثرهما، فيعرف موضعهما، قال الباقلاني‏:‏ ذكر مساعدتها إياه، حتى قامت معه ليخلوا‏.‏ وقوله‏:‏ وراءنا لا فائدة فيه، لأن الذيل إنما يجر وراء الماشي‏.‏

وقول ابن المعتز أحسن منه‏:‏ البسيط

فبت أفرش خدي في الطريق له *** ذلاً واسحب أكمامي على الأثر

وقوله‏:‏ فلما أجزنا ساحة الحي إلخ ، يقال‏:‏ أجزنا وجزنا‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ أجزنا‏:‏ قطعنا وخلفناه، وجزنا‏:‏ سرنا فيه‏.‏

والساحة والباحة والفجوة والعروة والنالة كلها‏:‏ فناء الدار، ويقال‏:‏ هي الرحبة كالعرصة‏.‏

والحي‏:‏ القبيلة، ويقال للقوم النزول أيضاً‏.‏ وانتحى‏:‏ اعترض‏.‏ والبطن‏:‏ المكان المنخفض، وحوله أماكن مرتفعة‏.‏

والخبت، بفتح المعجمة وسكون الموحدة‏:‏ ما انخفض من الأرض‏.‏

وروي‏:‏ بطن حقف بكسر المهملة، وهو رمل مشرف معوج، والجمع أحقاف‏.‏ والقفاف‏:‏ جمع قف، ضم القاف، وهو ما غلظ من الأرض، وارتفع، ولم يبلغ أن يكون جبلاً‏.‏

وروي‏:‏ ذي ركام بالضم، وهو المتراكم بعضه على بعض‏.‏ والعقنقل‏:‏ الرمل المتعقد المتلبد، وأصله من العقل، وهو الشد‏.‏

قال الباقلاني‏:‏ قد أغرب بهذه اللفظة الوحشية، وليس في ذكرها فائدة، واللفظ الغريب قد يحمد، إذا وقع موقع الحاجة في وصف ما يلائمه، كقوله عز وجل في وصف يوم القيامة‏:‏ عبوساً قمطريراً ‏.‏ وأما إذا وقع في غير هذا الموضع، فهو مذموم‏.‏

وقوله‏:‏ إذا قلت هاتي نوليني تمايلت، التنويل والإنالة‏:‏ الإعطاء‏.‏ والنوال‏:‏ العطية، قال إلخ طيب‏:‏ معنى التنويل التقبيل، وهو من النوال‏:‏ العطية‏.‏

وقوله في الرواية الثانية‏:‏ هصرت بفودي رأسها فتمايلت، الهصر‏:‏ جذب الغصن ليؤخذ من ثمره‏.‏ والفودان‏:‏ جانبا الرأس شبهها بشجرة، وجعل ما يناله منها كالثمر‏.‏

وهضيم‏:‏ منصوب على المدح، وهو عند الكوفيين بمعنى مهضومة فلذلك كان بلا هاء‏.‏ وعند سيبويه على النسب‏.‏

والهضيم‏:‏ الضامر، وأصل الهضم الكسر، وإنما قيل للضامر من البطن‏:‏ هضيم الكشح، لأنه يدق ذلك الموضع من جسده، فكأنه هضم عن قرار الردف والوركين والجنبين‏.‏

والكشح‏:‏ ما بين منقطع الأضلاع إلى الورك‏.‏ وأراد هضيم الكشحين، كما تقول‏:‏ كحلت عيني تريد عيني‏.‏

وريا فعلى من الري بالكسر، وهو إنتهاء شرب العطشان، فهو عند ذلك يمتلئ جوفه، فقيل، لكل ممتلئ من شحم ولحم‏:‏ ريان‏.‏ والمخلخل، بضم الميم‏:‏ موضع إلخ لخال‏.‏ وصف دقة خصرها، وعبالة ساقها‏.‏

وقوله‏:‏ مهفهفة بيضاء‏.‏‏.‏‏.‏إلخ، المهفهفة‏:‏ الحسنة إلخ لق، ولا تكون كذلك حتى تكون ضامرة إلخ اصرة‏.‏

وقيل‏:‏ هي اللطيفة إلخ صر، الضامرة البطن‏.‏ والمفاضة، بضم الميم‏:‏ المسترخية البطن، وقيل‏:‏ البائنة الطول‏.‏

والترائب‏:‏ جمع تريبة، وهو موضع القلادة من الصدر‏.‏ والصقل‏:‏ إزالة الصدأ والدنس وغيرهما‏.‏ والسجنجل‏:‏ المرآة، كلمة رومية عربتها العرب‏.‏ وصفها بحداثة السن‏.‏

وترجمة امرئ القيس تقدمت في الشاهد التاسع والأربعين من أوائل الكتاب‏.‏

وأنشد بعده‏:‏

الشاهد الثاني والتسعون بعد الثمانمائة

الطويل

ولما رأى الرحمن أن ليس فيهم *** رشيدٌ ولا ناهٍ أخاه عن الغدر

وصب عليهم تغلب بنة وائلٍ *** فكانوا عليهم مثل راغية البكر

على أن صب ليس جواب لما والواو زائدة، كما يقول الكوفيون، بل هي عاطفة على الجواب المحذوف، كما قدره الشارح المحقق‏.‏

وقال ابن عصفور‏:‏ صب هو الجواب، والواو زائدة لضرورة الشعر‏.‏

هذا‏.‏ والبيتان من قصيدة للأخطل التغلبي النصراني، والراوية من ديوانه‏:‏

أمال عليهم تغلب بنة وائلٍ

وكذا رواهما الزمخشري في مستقصى الأمثال وعلى هذا لا يكون مما نحن فيه، وقبلهم‏:‏

بني عمر لم تثأروا بأخيكم *** ولكن رضيتم باللقاح وبالجزر

إذا عطفت وسط البيوت احتلبتم *** لها لبناً محضاً أمر من الصبر

ولما رأى الرحمن أن ليس فيهم ***‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏إلى آخر البيتين

فسيروا إلى أهل الحجاز فأنن *** نفيناكم عن منبت القمح والتمر

وقوله‏:‏ لم تثأروا بأخيكم، أي‏:‏ لم تأخذوا بثأره‏.‏ يقول‏:‏ رضيتم بأن تغيروا على المال، وتدعو القتال إذ أصبتم الغنائم‏.‏ واللقاح‏:‏ جمع لقحة بكسر اللام فيهما، وهي الناقة ذات لبن‏.‏ هذا قول ثعلب‏.‏

وقال غيره‏:‏ جمع لقوح، مثل قلوص وقلاص، وهي الناقة نتجت إلى ثلاثة أشهر، وتسمى بعدها لبوناً‏.‏

والجزر، بضم فسكون، والأصل بضمتين‏:‏ جمع جزور، والجزور من الإبل خاصة تقع على الذكر والأنثى، وقيل الناقة التي تنحر‏.‏

وقوله‏:‏ إذا عطفت بالبناء للمفعول، أي‏:‏ أميلت‏.‏ والصبر‏:‏ الدواء المر، بكسر الباء في الأشهر، وسكون الباء للتخفيف لغة قليلة‏.‏ ومنهم من قال‏:‏ لم يسمع تخفيفه في السعة‏.‏

وحكى ابن السيد في مثلث اللغة جواز التخفيف كما في نظائره، بسكون الباء مع فتح الصاد وكسرها‏.‏ وإنما جعل اللبن أمر من الصبر، لأنهم يشربونه مع الحزن على أخيهم، ولا قدرة لهم بأخذ ثأره‏.‏

وقوله‏:‏ ولما رأى الرحمن هو علم على ذات واجب الوجود، كلفظة الله‏.‏ ورأى علمية تطلب مفعولين، وأن مخففة اسمها ضمير شأن‏.‏ وجملة ليس فيهم رشيد‏:‏ خبرها‏.‏

وجملة أنا ليس‏.‏‏.‏‏.‏إلخ، سادة مسد مفعولي علم‏.‏ والرشيد‏:‏ من له رشد، وهو خلاف الغي والضلال، وهو إصابة الصواب‏.‏ والغدر‏:‏ نقض العهد‏.‏

وقوله‏:‏ وصب عليهم، أي‏:‏ سلط عليهم، وكذا معنى أمال عليهم‏.‏ وتغلب‏:‏ قبيلة إلخ طل، بفتح المثناة الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام، والنسبة إليها تغلبي بفتح اللام‏.‏

قال الجوهري‏:‏ وتغلب أبو القبيلة، وهو تغلب بن وائل‏.‏ وقولهم‏:‏ تغلب بنت وائل، إنما يذهبون بالتأنيث إلى معنى القبيلة، كما قالوا تميم بنت مر‏.‏ انتهى‏.‏

فتارة اعتبر تغلب قبيلة، فقال‏:‏ ابنة وائل، وتارة اعتبره حياً، فقال‏:‏ فكانوا‏.‏ وضمير عليهم لبني عامر‏.‏

والبكر، بفتح الموحدة‏:‏ الصغير من الإبل‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ البكر من الإبل بمنزلة الفتى من الناس، والبكرة بمنزلة الفتاة‏.‏

والراغية الغين المعجمة‏:‏ مصدر بمعنى الرغاء، وهو صوت البعير‏.‏ ورغت الناقة، أي‏:‏ صوتت‏.‏ ويريد بالبكر ولد ناقة صالح عليه السلام‏.‏ ولما قدار ثمود الناقة رغا ولدها، فصاح برغائه كل شيء له صوت، فهلكت ثمود عند ذلك، فضربته العرب مثلاً في كل هلكة عامة‏.‏

قال الزمخشري في أمثاله‏:‏ كان عليه كراغية البكر، الراغية مصدر بمعنى الرغاء، كالعافية، والبالية، والفاضلة‏.‏ والبكر‏:‏ سقب ناقة صالح عليه السلام، وذلك أنه لما عقرت الناقة صعد جبلاً فرغا، فأتاهم العذاب‏.‏ يضرب في الشؤم‏.‏

قال إلخ طل‏:‏ الطويل

لعمري لقد لاقت سليمٌ وعامرٌ *** عى جانب الثرثار راغية البكر

وفال أيضاً‏:‏ الطويل

وإن تذكروها في معد فإنم *** أصابك بالثرثار راغية البكر

الضمير في تذكروها للواقعة‏.‏

وقال أيضاً‏:‏

ولما رأى الرحمن أن ليس فيهم البيتين

انتهى‏.‏

وقدار، بضم القاف، هو أشقى ثمود، وسماه زهير في معلقته أحمر عاد، فقال‏:‏ الطويل

فتنتج لك غلمان أشأم كلهم *** كأحمر عادٍ ثم ترضع فتفطم

والثرثار بمثلثتين‏:‏ اسم نهر سمي به لكثرة مائة‏.‏

وترجمة إلخ طل تقدمت في الشاهد الثامن والسبعين من أوائل الكتاب‏.‏

وأنشد بعده‏:‏

الشاهد الثالث والتسعون بعد الثمانمائة

الكامل

فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن *** إلا كلمة حالمٍ بخيال

على أن الواو ليست زائدة كما يقول الكوفيون، بل هي عاطفة على مبتدأ محذوف، والتقدير‏:‏ فإذا إلمامك وذلك الإلمام‏.‏ كذا قدره الشارح، فجعل المعطوف، والمعطوف عليه شيئاً واحداً لأجل قوله‏:‏ لم يكن‏.‏

قال صاحب كتاب تفسيح اللغة‏:‏ هذا البيت لتميم بن أبي بن مقبل، وأراد‏:‏ فإذا هذا وذلك، ولم يخص واحداً لأن كل شيء زائلٍ، فهو كالأحلام‏.‏

وكذا قول أبي كبير الهذلي‏:‏ الكامل

فإذا وذلك ليس إلا ذكره *** وإذا مضى شيءٌ كأن لم يفعل

إنما أراد‏:‏ فإذا هذا وذلك، وقال‏:‏ ليس إلا ذكره أي ذكر الحاضر، فأما الماضي فمعدوم بالإياس منه‏.‏ انتهى كلامه‏.‏

ولو كان التقدير، كما زعم لقيل في الأول‏:‏ لم يكونا، وفي الثاني‏:‏ ليسا إلا ذكرهما، مع أن المشار إليه شيء واحد‏.‏

قال أبو كبير قبل ذلك البيت‏:‏

وجليلة الأنساب ليس كمثله *** ممن يمنع قد أتتها أرسلي

ساهرت عنها الكالئين فلم أنم *** حتى التفت إلى السماك الأعزل

فأتيت بيتاً غير بيت سناخةٍ *** وازدرت مزدار الكريم المعول

وإذا وذلك ليس إلا حينه *** وإذا مضى شيءٌ كأن لم أفعل

يقول‏:‏ رب امرأة شريفة الأنساب ممنعة، بعثت إليها رسلي، وساهرت عنها الكالئين، أي‏:‏ الحافظين، فغلبتهم، فناموا ولم وأنم، فأتيت بيتها فزرتها، وهو بيت طيب لا مطعن فيه‏.‏

والسناخة‏:‏ الرائحة الكريهة‏.‏ وازدرت‏:‏ افتعلت من الزيارة، والمعول‏:‏ الذي يعول بدلالٍ ومنزلة‏.‏ فاسم الإشارة راجع إلى زيارة تلك المرأة الجليلة‏.‏

ويريد أن لذة تلك الزيارة، لم تكن إلا في وقت الزيارة، فإذا مضى مضت‏.‏

وأما قول ربيعة في مقروم الضبي من قصيدة‏:‏ الكامل

ولقد أصبت من المعيشة لينه *** وأصابني منه الزمان بكلكل

فإذا وذاك كأنه ما لم يكن *** إلا تذكرة لمن لم يجهل

فالمشار إليه اثنان والإشارة واحدة، كما في وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏عوانٌ بين ذلك‏}‏، أي‏:‏ بين البكر والفارض‏.‏ وتقديره عند الشارح‏:‏ فإذا المذكور‏.‏

قال السكري في شرحه‏:‏ الواو زائدة، أراد وإذا ذلك ليس إلا حينه‏.‏ يقول‏:‏ إذا كنت فيه فليس إلا قدر كينونتك، فإذا أدبر ذهب‏.‏

وإليه ذهب ابن عصفور في كتاب الضرائر وأورد البيت، وقال‏:‏ زيدت الواو لضرورة الشعر‏.‏ وينبغي أن يقدر الشارح في ذلك البيت‏:‏ فإذا المذكور وذلك المذكور، لم يكن كإلمام خيال بالحالم، لئلا يتحد المشبه والمشبه به‏.‏

ولم يحضرني ألان ما قبل البيت، ولهذا لم أعرف مرجع الإشارة‏.‏

واللمة، بفتح اللام، قال صاحب الصحاح‏:‏ يقال‏:‏ أصابت فلاناً من الجنة لمة، وهو المس والشيء القليل‏.‏ قال‏:‏

فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن *** إلا كلمة حالمٍ بخيال

قال ابن بري في أماليه على الصحاح البيت لابن مقبل، وقوله‏:‏ فإذا وذلك مبتدأ والواو زائدة، كذا ذكره إلخ فش‏.‏ ولم يكن‏:‏ خبره، انتهى‏.‏

وكبيشة‏:‏ من أسماء النساء، مصغر كبشة بالشين المعجمة‏.‏ والحالم‏:‏ اسم فاعل من حلم يحلم من باب قتل، حلماً بضمتين وإسكان الثاني تخفيفاً، أي‏:‏ رأى في منامه رؤيا، وكذا احتلم‏.‏

والخيال‏:‏ كل شيء تراه كالظل، وخيال الإنسان في الماء والمرآة‏:‏ صورة تمثاله‏.‏ وربما مر بك الشيء يشبه الظل، فهو خيال‏.‏

وتقدمت ترجمة تميم بن أبي بن مقبل في الشاهد الثاني والثلاثين من أوائل الكتاب‏.‏

وأنشد بعده‏:‏

أراني إذا ما بت بت على هوىً *** فثم إذا أصبحت أصبحت غاديا

على أنه قيل‏:‏ الفاء زائدة‏.‏

وتقدم الكلام عليه في الشاهد إلخ امس والخمسين بعد الستمائة‏.‏

وأنشد بعده‏:‏ الطويل

وقائلةٍ خولان فانكح فتاتهم *** وأكرومة الحيين خلوٌ كما هيا

على أن الفاء زائدة‏.‏

وتقدم الكلام عليه في الشاهد السابع والسبعين من أوائل الكتاب‏.‏

وخص ابن عصفور زيادة الفاء بالشعر، قال في كتاب الضرائر‏:‏ من زيادة الفاء قوله‏:‏ الطويل

يموت أناسٌ ويشيب فتاهم *** ويحدث ناسٌ والصغير فيكبر

يريد‏:‏ الصغير يكبر‏.‏

وقول أبي كبير‏:‏ الكامل

فرأيت ما فيه فثم رزئته *** فلبثت بعدك غير راضٍ معمري

يريد‏:‏ ثم رزئته‏.‏

وقول الأسود بن يعفر‏:‏ الكامل

فلنهشلٌ قومي ولي في نهشلٍ *** نسبٌ لعمر أبيك غير غلاب

زاد الفاء في أول الكلام، لأن البيت أول القصيدة‏.‏

وأنشد بعده‏:‏ البسيط

أبا خراشة أما أنت ذا نفرٍ *** فإن قومي لم تأكلهم الضبع

على أن الفاء فيه زائدة عند البصريين، غير زائدة عند الكوفيين‏.‏

وتقدم كلام الشارح المحقق عليه في الشاهد التاسع والأربعين بعد المائتين في باب خبر كان‏.‏

وأنشد بعده‏:‏